مناسك الحج والعمرة

بقلم : فضيلة الشيخ  محمد الصالح العثيمين 

أحسن ما يؤدي به المسلم مناسك الحج والعمرة أن يؤديهما على الوجه الذي جاء عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – , لينال بذلك محبة الله ومغفرته

 

” قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ” [سورة آل عمران : 31] .

وأكمل صفة في ذلك التمتع لمن لم يسق الهدي لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر به أصحابه وأكده عليهم وقال: “” لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم “” .

والتمتع: أن يأتي الحاج بالعمرة كاملة في أشهر الحج ويحل منها ثم يحرم بالحج في عامه .

العمرة:

 1-  إذا أردت الإحرام بالعمرة فاغتسل كما تغتسل من الجنابة إن تيسر لك ثم البس ثياب الإحرام إزارا ورداء (والمرأة تلبس ما شاءت من الثياب غير متبرجة بزينة) ثم اذا وصلت للميقات قل

: لبيك عمرة لبيك اللهم لبيك . لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك .

ومعنى لبيك: أجبتك إلى ما دعوتني إليه من الحج والعمرة وغيرهما من طاعتك. 

2-  فإذا وصلت إلى مكة فطف بالبيت سبعة أشواط طواف العمرة تبتدئ من الحجر الأسود وتنتهي إليه في كل شوط ثم صل ركعتين خلف مقام إبراهيم قريبا منه إن تيسر أو بعيدا . 

3-  فإذا صليت الركعتين فاخرج إلى الصفا واسع بين الصفا والمروة سبع مرات سعي العمرة تبتدئ بالصفا وتختم بالمروة ذهابك سعيه ورجوعك سعيه . 

4-  فإذا أتممت السعي فقصر شعر رأسك .

وبذلك تمت العمرة ففك إحرامك والبس ثيابك.

الحج

1-  إذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة فأحرم بالحج فاغتسل إن تيسر لك والبس ثياب الإحرام ثم قل : لبيك حجا لبيك اللهم لبيك . لبيك لا شريك لك لبيك . إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك . 

2-  ثم اخرج إلى منى وصل بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر كل صلاة في وقتها تجعل الرباعية ركعتين . 

3-  فإذا طلعت الشمس في اليوم التاسع من ذي الحجة فسر إلى عرفة وصل بها الظهر والعصر جمع تقديم على ركعتين ركعتين وامكث فيها إلى غروب الشمس وأكثر من الذكر والدعاء هناك مستقبل القبلة . 

4-  فإذا غربت الشمس فسر من عرفة إلى مزدلفة وصل بها المغرب والعشاء والفجر ثم امكث فيها للدعاء والذكر إلى قرب طلوع الشمس .

وإن كنت ضعيفا لا تستطيع مزاحمة الناس عند الرمي فلا بأس أن تسير إلى منى في آخر الليل 

5-  فإذا قرب طلوع الشمس فسر من مزدلفة إلى منى فإذا وصلت إليها فاعمل ما يلي :

(أ)  ارم جمرة العقبة وهي أقرب الجمرات إلى مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى وكبر مع كل حصاة . 

(ب)  اذبح الهدي وكُلْ منه ووزع على الفقراء . 

(ج)  احلق رأسك (والمرأة تقصر منه بقدر أنملة) .

تعمل هذه على الترتيب إن تيسر وإن قدمت بعضها على بعض فلا حرج .

وبعد تحل التحلل الأول فتلبس ثيابك ويحل لك جميع محظورات الإحرام إلا النساء . 

 

6-  ثم انزل إلى مكة وطف طواف الإفاضة طواف الحج واسع بين الصفا والمروة سعي الحج .

وبهذا تحل التحلل الثاني ويحل لك جميع محظورات الإحرام حتى النساء . 

7- ثم اخرج بعد الطواف والسعي إلى منى فبت فيها ليلتي إحدى عشرة واثنتي عشرة . 

8- ثم ارم الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر بعد الزوال تبتدئ بالأولى وهي أبعدهن عن مكة ثم الوسطى ثم جمرة العقبة كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات تكبر مع كل حصاة وتقف بعد رمي الأولى والثانية للدعاء مستقبل القبلة ولا يجزئ الرمي في هذين اليومين قبل الزوال 

9-  فإذا أتممت الرمي في اليوم الثاني عشر فإن شئت أن تتعجل فاخرج من منى قبل غروب الشمس وإن شئت أن تتأخر (وهو أفضل) فبت في منى ليلة الثالث عشر وارم الجمرات الثلاث في يومها بعد الزوال كما رميتها في اليوم الثاني عشر . 

10-  فإذا أردت الرجوع إلى بلدك فطف عند سفرك بالكعبة طواف الوداع سبعة أشواط والحائض والنفساء ليس عليهما طواف وداع .

 

فائدة يجب على المحرم بحج أو عمرة ما يلي :

 1-  أن يكون ملتزما بما أوجب الله عليه من شرائع دينه كالصلاة في أوقاتها مع الجماعة . 

2- أن يتجنب ما نهى الله عنه من الرفث والفسوق والعصيان

 فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ  [سورة البقرة , آية 197] . 

3- أن يتجنب أذية المسلمين بالقول أو الفعل عند المشاعر أو غيرها . 

4-  أن يتجنب جميع محظورات الإحرام (أ)  فلا يأخذ شيئا من شعره أو ظفره فأما الشوكة ونحوه فلا بأس به وإن خرج الدم . 

(ب)  ولا يتطيب بعد إحرامه في بدنه أو ثوبه أو مأكوله أو مشروبه ولا يتنظف بصابون مطيب فأما ما بقي من أثر الطيب الذي تطيب به عند إحرامه فلا يضر . 

(جـ)  ولا يقتل الصيد وهو الحيوان البري الحلال المتوحش أصلا . 

(د) ولا يباشر لشهوة بلمس أو تقبيل أو غيرهما وأشد من ذلك الجماع . 

(هـ) ولا يعقد النكاح لنفسه ولا غيره ولا يخطب امرأة لنفسه ولا غيره . 

(و)  ولا يلبس القفازين وهما شراب اليدين فأما لف اليدين بخرقة فلا بأس به 

 

وهذه محظورات على الذكر والأنثى .

ويختص الرجل بما يلي :

(أ)  لا يغطي رأسه بملاصق فأما تظليله بالشمسية وسقف السيارة والخيمة وحمل العفش عليه فلا بأس به . 

(ب)  لا يلبس القميص ولا العمائم ولا البرانس ولا السراويل ولا الخفاف إلا إذا لم يجد إزارا فليلبس السراويل أو لم يجد نعلين فليلبس الخفاف . 

(جـ)  لا يلبس ما كان بمعنى ما سبق فلا يلبس العباءة ولا الطاقية ولا الفنيلة ونحوها .

ويجوز أن يلبس النعلين والخاتم ونظارة العين وسماعة الأذن وأن يلبس الساعة في يده أو يتقلدها في عنقه ويلبس الهميان والمنطقة وهما ما تجعل فيه النفقة .

 

ويجوز أن يتنظف بغير ما فيه طيب وأن يغسل ويحك رأسه وبدنه وإن سقط بذلك شعر بدون قصد فلا شيء عليه .

والمرأة لا تلبس النقاب وهو ما تستر به وجهها منقوبا لعينيها فيه .

والسنة أن تكشف وجهها إلا أن يراها رجال غير محارم لها فيجب عليها ستره في حال الإحرام وغيرها .

والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

زيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة

1-  تتوجه إلى المدينة قبل الحج أو بعده بنية زيارة المسجد النبوي والصلاة فيه لأن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام .

 

2-  فإذا وصلت إلى المسجد فصل فيه لله تعالى ركعتين تحية المسجد أو صلاة الفريضة إن كانت قد أقيمت . 

3-  ثم اذهب إلى قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – فقف أمامه وسلم عليه قائلا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته صلى الله عليك وجزاك عن أمتك خيرا .

ثم اخط عن يمينك خطوة أو خطوتين لتقف أمام أبي بكر وسلم عليه قائلا : السلام عليك يا أبا بكر خليفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ورحمة الله وبركاته رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرا .

ثم اخط عن يمينك خطوة أو خطوتين لتقف أمام عمر وسلم عليه قائلا : السلام عليك يا عمر أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرا . 

4-  واخرج إلى مسجد قباء متطهرا وصل فيه . 

5-  واخرج إلى البقيع وزر قبر عثمان رضي الله عنه فقف أمامه وسلم عليه قائلا : السلام عليك يا عثمان أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرا . وسلم على من في البقيع من المسلمين . 

6-  واخرج إلى أحد وزر قبر حمزة رضي الله عنه ومن معه من الشهداء هناك وسلم عليهم وادع الله تعالى لهم بالمغفرة والرحمة والرضوان .

 

خطوات مختصرة للحاج والمعتمر وزائر مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-

يجب على الحاج :

 

(1)  المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب . وأن ينتخب لحجه وعمرته المال الحلال . 

(2)  وأن يصون لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة والسخرية . 

(3)  وأن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة بعيدا عن الرياء والسمعة والمفاخرة . 

(4)  وأن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته من أعمال ويسأل عما أشكل عليه . 

(5)  الحاج إذا وصل إلى الميقات مخير بين الإفراد بالحج والتمتع والقران . 

(6)  وإذا خاف المحرم أن لا يتمكن من أداء نسكه بسبب مرض أو خوف اشترط أن محلي حيث حبستني . 

(7)  يصح حج الصبي والجارية الصغيرة ولا يجزئهما عن حجة الإسلام . 

(8)  يجوز للمحرم أن يغتسل ويغسل رأسه ويحكه إذا احتاج إلى ذلك . 

(9)  يباح للمرأة سدل خمارها على وجهها إذا خشيت أن يراها الرجال . 

(10)  ما اعتاده كثير من النساء من جعل العصابة تحت الخمار لترفعه عن وجهها . لا أصل له في الشرع . 

(11)  يجوز للمحرم غسل الثياب التي أحرم فيها وتبديلها بغيرها . 

(12)  إذا لبس المحرم مخيطا أو غطى رأسه أو تطيب ناسيا أو جاهلا فلا فدية عليه . 

(13)  يقطع الحاج التلبية إذا وصل إلى الكعبة قبل أن يشرع في الطواف إن كان متمتعا أو معتمرا . 

(14)  لا يشرع الرمل والاضطباع إلا في طواف القدوم فقط وفي الأشواط الثلاثة الأولى، وللرجال فقط دون النساء . 

(15)  إذا شك الحاج هل طاف ثلاثة أشواط أو أربعة جعلها ثلاثة وهكذا السعي . 

(16)  لا بأس بالطواف من وراء زمزم والمقام عند الزحام والمسجد كله محل للطواف . 

(17)  من المنكرات طواف المرأة بالزينة والروائح الطيبة وعدم التستر . 

(18)  إذا حاضت المرأة أو نفست بعد إحرامها لا يصح لها الطواف بالبيت حتى تطهر . 

(19)  يجوز للمرأة أن تحرم فيما شاءت من الثياب مع الحذر من التشبه بالرجال في لباسهم . 

(20)  التلفظ بالنية في غير الحج والعمرة -من العبادات الأخرى- بدعة مستحدثة والجهر بها أقبح . 

(21)  يحرم على الحاج أن يتجاوز المواقيت بدون إحرام -إذا كان قاصدا الحج أو العمرة- . 

(22)  الحاج القادم عن طريق الجو يحرم إذا حاذى الميقات ويشرع له التأهب للإحرام قبل ركوب الطائرة . 

(23)  من كان سكنه دون المواقيت، فليس عليه أن يذهب إلى شيء منها، بل سكنه هو ميقاته للإحرام بالحج . 

(24)  ما يفعله بعض الناس من الإكثار من العمرة بعد الحج من التنعيم أو الجعرانة لا دليل على شرعيته . 

(25)  الحاج في يوم التروية يحرم من محل إقامته بمكة ولا يلزم الإحرام من الكعبة أو من عند الميزاب كما يفعله الكثير . 

(26)  التوجه من منى إلى عرفة في اليوم التاسع يكون بعد طلوع الشمس . 

(27) لا يجوز الانصراف من عرفة قبل غروب الشمس ، وإذا انصرف الحاج بعد الغروب فبسكينة ووقار . 

(28)  صلاة المغرب والعشاء تؤدى بعد الوصول إلى مزدلفة سواء كان في وقت المغرب أو بعد دخول وقت العشاء 

(29) يجوز لقط حصى الرمي من أي موضع كان ولا يتعين لقطه من مزدلفة . 

(30) لا يستحب غسل حصى الرمي لأن ذلك لم ينقل فعله عن الرسول ولا أصحابه . ولا يرمي بحصى قد رمي به . 

(31) يجوز للضعفاء من النساء والصبيان ونحوهم أن يدفعوا إلى منى في آخر الليل . 

(32)  إذا وصل الحاج إلى منى يوم العيد قطع التلبية ورمى جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات . 

(33)  لا يشترط بقاء الحصى في المرمى وإنما المشترط وقوعه فيه . 

(34)  يمتد وقت الذبح إلى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق في أصح أقوال أهل العلم . 

(35) طواف الإفاضة أو الزيارة يوم العيد ركن من أركان الحج لا يتم إلا به . ويجوز تأخيره إلى ما بعد أيام منى .  

(36)  القارن بين الحج والعمرة ليس عليه إلا سعي واحد وكذلك من أفرد بالحج وبقي على إحرامه إلى يوم النحر . 

(37) الأفضل للحاج ترتيب أعمال يوم النحر فيبدأ برمي جمرة العقبة ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف بالبيت ثم السعي بعده. فإن قدم أو أخر أجزأه ذلك . 

(38) الأمور التي يحصل بها التحلل التام : (أ)  رمي جمرة العقبة . 

(ب) الحلق أو التقصير. 

(جـ)  طواف الإفاضة مع السعي . 

 

(39) إذا أراد الحاج أن يتعجل من منى لزمه أن يخرج منها قبل غروب الشمس . 

(40)  الصبي العاجز عن الرمي يرمي عنه وليه بعد أن يرمي عن نفسه . 

(41)  يجوز للعاجز عن الرمي لمرض أو كبر سن أو حمل أن يوكل من يرمي عنه . 

(42)  يجوز للنائب أن يرمي عن نفسه ثم عن مستنيبه كل جمرة من الجمار الثلاث وهو في موقف واحد . 

(43)  يجب على الحاج إذا كان متمتعا أو قارنا -ولم يكن من حاضري المسجد الحرام- دم- وهو شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة . 

(44)  إذا عجز المتمتع أو القارن عن الهدي وجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله . 

(45)  الأفضل للحاج أن يقدم صوم الأيام الثلاثة على يوم عرفة ليكون في عرفة مفطرا وإلا صام أيام التشريق . 

(46)  يجوز صوم الثلاثة أيام المذكورة متتابعة ومتفرقة وكذا صوم السبعة أيام . 

(47)  يجب طواف الوداع على كل حاج إلا الحائض والنفساء . 

(48) تسن زيارة مسجد الرسول – صلى الله عليه وسلم – , سواء قبل الحج أو بعده . 

(49)  يسن لزائر المسجد النبوي أن يبدأ بركعتين تحية للمسجد في أي مكان منه والأفضل أن يؤديها في الروضة الشريفة . 

(50) زيارة قبر الرسول – صلى الله عليه وسلم – وغيره من المقابر تشرع للرجال فقط دون النساء . 

(51) التمسح بالحجرة الشريفة أو تقبيلها أو الطواف بها بدعة منكرة لم تنقل عن السلف الصالح . 

(52) لا يجوز لأحد أن يسأل الرسول – صلى الله عليه وسلم – قضاء حاجة أو تفريج كربة فذلك شرك . 

(53) حياة الرسول في قبره برزخية وليست من جنس حياته قبل الموت وإنما هي حياة يعلمها الله. 

(54) ما يفعله بعض الزوار من تحري الدعاء عند قبر الرسول مستقبلا القبر رافعا يديه من البدع المستحدثة. 

(55) ليست زيارة قبر الرسول واجبة ولا شرطا في الحج كما يظنه بعض العامة . 

(56) الأحاديث التي يحتج بها من يقول بشرعية شد الرحال إلى قبر الرسول إما ضعيفة الأسانيد أو موضوعة .

 

والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .